عاد بعد غيبة امتدت لست سنوات ؛؛ في صيف عام ١٩٣٧م ؛؛ عاد مزهوا بأنه قد أدى فريضة الحج ثلاث مرات بدلا عن مرة في زمن كان عودة الحاج من أرض الحجاز يكتنفها الكثير من الرهق والخوف و المخاطر ..والذين يأدون هذه الفريضة لابد أن يكونوا من أصحاب الحظوة والمال والنفوذ !!
كيف لا يشعر بالزهو وقد أدى الفريضة ثلاث مرات متتالية ولم يتجاوز سنه الخامسة والعشرين ربيعا !!
كيف لا يشعر بالتميز وقد أستمع للعلماء في المسجد الحرام وفي المسجد النبوي وادى الكثير من الصلوات في رحاب الارض المقدسة .
كانت السلفية قابضة على الحجاز في عهد الملك عبد العزيز الذي اجتهد في إخضاع القبائل البدوية التي لا تخضع لقانون او شرع.
كان يعمل بالشرطة بمنطقة الجوف ومنها غادر الى البصرة في العراق على ظهر بعير حيث لا وسيلة غيره!!!
ومنها إلى الشام ومن الاردن مجاهدا مع عرب فلسطين ضد العصابات اليهودية التي بدأت تنفذ عمليات عسكرية ضد العرب تحت سمع وبصر السلطات الاستعمارية البريطانية التي كانت تغض الطرف عن تلك الجرائم البشعة .
عاد بعد تلك السنوات المليئة بالأحداث والمغامرات يحمل حقيبة ضخمة من الحديد.
فرح والده وزغردت امه وتجمع الجيران والاهل فرحين بعودة الغائب ووزعت أقداح الشاي والقهوة؛؛ وعندما انفض سامرهم اتجهت أنظار اهل البيت الى الحقيبة الحديدية الضخمة
القادمة من أرض الشام ومصر !!
وكانت المفاجأة عندما تم فتحها !! كانت مليئة بالكتب الدينية الضخمة ولا شئ آخر!!
قال والده : اعطنا ريالا لتسديد ثمن رأس السكر الذي شربه الضيوف.
رد في صوت منخفض : “ما عندي ولا مليم احمر “.
قال أبوه ساخرا : ” ياولدي مشيت محل السما ما دنقر وتجي ما عندك ريال” !!!
يونيو ٢٠٢٢م
نواصل