لا انسي الايام التي رحلت فيه أسرة المرحوم موسي حسن الي منزلهم جوارنا في حي القلعه كما كان يطلق عليه ناس حلة تحت وكان المرحوم حيدر موسي له الرحمة والمغفره هو رب الاسره والعائل لها وذلك بعد وفاة والدة موسي حسن رحمة الله عليه .
كان حيدر يعاملني كأخ بالرغم من اننى كنت صغيراً وكان يحضر لي من مخزنهم بفشوده ( شرك ) ويعلمني كيف اصطاد القمري بالشرك
كان حيدر جهور الصوت قوي الشكيمة شجاع لايهاب احد مهما كان ، وكان إذا تكلم في بيته نسمع صوته أمام منزل عمنا العمده سعيد رحمة الله عليه فى حلة تحت حينما كنا نلعب في وسط الحله .
وقد كان مهاباً جداً ، اذكر في يوم ما خرجت نساء الحلة من حلة فشوده وعلا صوتهن وكان الوقت عصير وعندما سمعن صوته ذهبن الي اقرب بيت واختفين فيه ( واسجمي ده صوت حيدر )
كان يعمل مساعداً طبياً في مستشفي الدبه برفقة عمنا عباس علي هليس رحمهم الله جميعاً .
لم اري ولم اسمع ولو مره واحده في حياة المرحوم حيدر ان اخد من مريض اى مبلغ نظير دواء وكان يتابع المريض حتي يشفي وان كان بعيدا يركب حمارته ليصل اليه فى بيته .
لم يتغيب عن عمله مطلقا وقد كان منضبطاً في مواعيده وكان قناصاً لدرجة مبالغة حيث اذكر ذات مره ان تهيجت الكلاب وبدأت تأكل صغار الضان وكان حيدر يضع ماسورة الخرطوش بين أذني الحمار ويرسل الطلقة مباشرة ولَم نرى او نسمع انه يوم طلقتة اخطأت هدفها . التزام وانضباط ومهابة حيدر رحمة الله عليه هى من طبيعة شخصيتة المتفردة المميزة قد تكون صقلتها له العسكرية حيث عمل بها ردحاً من الزمن قبل التحاقة بسلك التمريض .

كان رحمة الله عليه بعدأن يعود من عمله من المستشفى ويغير ملابسه يحضر مباشرة الفور الي بيتنا ويبدا ونسه مع الوالد اطال الله عمره بالصحة والعافية حتي يأتي حسن بصينية الغداء وبعد صلاة العصر يذهب كل الي ساقيتة وعند المغرب يعود الي بيتنا مباشرة يأخذ والدي الراديو الي القوز ويستمعون للأخبار يقهقهون ويتناقشون في حرب العراق وإيران وووووو الي ان يأتي وقت العشاء ونأكل ونفترق . وكان فى عيد الاضحى يذبح لنا قبل اضحيتة.
مرت الايام واصابت المرحوم حيدر بحه في صوته وأصبح يهمس همسا ؛ وقتها كنت في الجامعة وعندما رجعت لقضاء الإجازة وجدته صابراً محتسباً بالرغم من ان المرض اشتد عليه وتمكن وبعد فترة سافر مستشفيا في الخرطوم .
اذكر حينها كنت رئيسا لرابطة طلاب ريفي ومدينة الدبه بجامعة الخرطوم وكان من ضمن الطلاب عدد بكلية الطب بالسنة النهائية وقد كلفت احدهم بان يذهب لاخى حيدر موسي عند مرورهم واعطيته اسم الوحدة التى يرقد فيها ورقم العنبر ، واذكر انه لم يذهب له في المره الاولي ولكن ذهب فيما بعد .
ذهبت اليه فى المستشفى وما ان رآني قال لي ( زولكم ده ما بيجى ) فاصابتي غمة قوية جداً وحزنت لهذا الفارس ،
وقلت له انا مسافر البلد لم يستطع الكلام فقد تمكن منه المرض اللعين فأشار ان أعطيه ورقة وقلم فكتب جملة لازلت اذكرها بالحرف (سلم عليهم والحال تراك شايفو براك ) وذهبت بعد ان دعوت له بالشفاء والعبرة في حلقي
وعندما وصولي البلد نعى الناعى حيدر موسي حسن
اللهم ارحم عبدك حيدر موسي واغفر له وارحمه
اللهم إنا نشهدك-ولا نزكيه عليك-أنه كان من أهل التقى والصلاح وكان منارة ونبراساً وسط اهله واحبائه فأعظم اللهم له الأجر واجعله جار النبيين والصديقين والشهداء .

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *