الظريف أو النميش بكسر النون ، دي ألقاب جدنا مكي أبو حجل رحمه الله طبعا كان رجل طيب حنين جداً وحقاني لا يخاف في الحق لومة لائم ، ولكن في نفس الوقت ممكن تعكر مزاجه في اقل من ثانية بأي كلمة إن كانت مقصودة ، أو فهمها غلط حينها تشيل شيلتك ..

لقب ( الظريف ) لم ياتي اللقب ده من فراغ ، فعلا اسم على مسمي، كان أظرف وأنظف مزارع في كرمكول على الإطلاق وفي كل شيء ، قد تستغربوا لكلامي ده لكن هو الحاصل ، عندما تدخل جنينتة هذا الرجل في ساقية ادم اول شي يقابلك حمار ملابس معمول من السيسبان ، ينزل للساقية قبل كل شئ بيقلع جميع ملابسه (مركوبه) ويغير تغيير كامل حتى يباشر عمله الروتيني المعتاد وبعد نهاية عمله ياخذ ملابسه النظيفة وينزل البحر قصاد جنيته في ساقية آدم ويستحمى ويغير ويمشي للبيت ، الكلام ده الترابلة في البلد ما بعملوه الا بعد يرجعوا و ده سر التسمية تقريباً.

أما لقب ( النميش ) بكسر النون ، لقب بهذا اللقب عن قصة كان هو بطلها ، زمان أهلنا رجال ونساء عندما تمر لأحد منهم بعض المواقف الطريفة أحياناُ بيعملوا له قصيدة حسب الموقف يغنون له كنوع من المزاح والضحك بينهم ، فمن هذه المواقف حصل مع جدنا مكي رحمه الله ، طبعاً البيوت القديمة كانت قريبة من الزراعة والجنائن في البلد ، و كانت هناك الكثير من الحيوانات مثل الثعالب (الصبار) ، و الثعابين ، والورل وحيوانات مختلفة كثيرة أحيانا كانت تدخل في البيوت وقت السكون بالليل ، المهم جدنا مكي كان عنده دجاج في البيت كعادة أهلنا بيكون في البيت عادة بيت صغير للدجاج والحمام لسد حاجتهم من اللحم والبيض ، اهااااا يوم جات صبرة ( الثعلب ) ودخلت أكلت من دجاج جدنا مكي بالليل ، في الصباح عرف الصبرة غدرت بدجاجه غضب من ذلك و بيت النية على قتل الصبرة قبل تعود مره أخري و تقضي على الباقي ، جهز الشرك (الفرنيب) وهو شرك يصنع من الجريد ويدفن من ناحية في الأرض جيداً ، ثم يقوس الجريد من الناحية الآخرى إلى ان يصل الأرض ويربط في راسه حبل و (هبار) بعد وضعه داخل علبة كبيرة من الحديد وضعت بطريقة معينة ووضعت داخلها قطعة من اللحم ووضع من فوق العلبة الحبل والهبار بطريقة معينة و عندما تاتي الضحية تستهدف قطعة اللحم من داخل العلبة وتخرج راسها منها يربطها الحبل من عنقها وتحاول جر الحبل لتخرج عنقها من الحبل وهنا ينطلق الجريد المقوس للأعلى وتشنق الضحية مثل هذا الشرك كان تقبض به الكلاب والثعالب التي كانت تضر التمر بعد حصاده ووضعه على السواديب آنذاك ، المهم جدنا مكي نصب ( الفرنيب ) للصبرة بالليل ووقعت الصبرة في الفخ ، و في الفجر جاء جدنا مكي ووجد الصبرة وجاء بعكازه وقتل الصبرة ، في الصباح بعد طلوع الشمس كعادة أهلنا بيصبحوا ويسلموا على بعضهم هنا الخبر أنتشر والحلة أتملت بخبر حاج مكي قتل الصبرة الأكلت دجاجه اهااااا .. الخبر وصل حاجه عزو بت مفتاح التي كانت شاعرة ومغنية في نفس الوقت ، فنظمت قصيدة لهذه المناسبة ، كنا نسمع هذه الأغنية في كثير من جلسات السمر من عزو رحمها الله ومن جددودنا عندما يجلسوا بالليل أو تجمعهم مناسبة في السواقي تحت أو في البيوت ، كما تغنى بهذه القصيدة آنذك الفنان عكاشة الحسن ( من دبة الفقراء وهو رجل (معمر) كان أهم شهود جزيرة كرمكول بإعتباره كان حاضر ومزارع في ساقية البشير بفشوده ) ، كنت حافظ منها بعض الأبيات لكن نسيتها أذكر منها هذه الأبيات:-

فرع الزين يا بت الملوك قتل الصبرة مكي أخوك
يجري صبير وقع في الشوك وكورك للسخي المبروك

هي طويلة إلى أن تذكر فيها :

مكي النميش لاقاها بي كعازو طق رماه

و هذا هو سر تسمية جدنا مكي (بالنميش).

إضافة لذلك فهو صمد من صمودة السواقي والصمودة ديل شغلهم زي شغل مهندسي المساحة مع الأراضي وخطوط كتنورها لكن بدون جهاز جهازهم عيونهم والواسوق بالنظر فقط ، بالخبرة والتدريب إكتسبوا مهارة عمل مهندس المساحة وجهاز الــ Total station مع بعض، بقوا يعرفوا كل ما يتعلق بالأرض من انحدار وكيفية معالجته وكيف تخطط القنوات الرئيسية ( الجدول الضكر) والقنوات الفرعية ( الجنابية ) والمتفرعة من الفرعية ( القراريع) ، وفحاج مكي يتقن هذا العمل تماماً .

الشي التاني حاج مكي ده زريبة البهائم بتاعته اول ما يخش بيلم القش القديم البايت يسموه ( الجكان ) على جنب في من الزريبة وعنده عرجونة تمر قديمة مثل مكنسة يكنس بيها كل (الزبل) من تحت البهائم حتى يجيب ليهن القش الجديد

جدنا مكي حضرنا له مواقف عجيبه في وفاة أهلنا السبقوه ديل كأن أول من يتجرس ويبكيهم بحرقه وكلهم فيهم الميزة فتجدهم يبكون أخوانهم الميتين و (يمنحوهم) مثل أمهاتنا كانوا حنان, حتى البهائم بتاعتهم يتأثروا لها تاثير ما عادي إن أصابها شئ حتي ولو مرض أو موت.

ذكرت لي العمة سلوى سعيد أن جدنا مكي كان لا يأكل كسرة الفطور في الغداء وكان كل واحدة يعوسوها ليه براها. الشي الثاني لا يأكل البتة في بيت الوفاة من الذبائح المذبوحة في بيت الميت حاله كحال الكثير من أهلنا، بل و كانوا يرسلونا في الصباح للجزارة ويجهزوا لهم أكلهم من لحم الجزارة والذبيحة مذبوحة في بيت الميت لا يأكلوا منها أبداً.

طبعاً جدنا مكي عندما يقول ليك حلمت بي تورين زرق ( سود ) ينكتوا في القيف والعجاج قائم أو شفت في المنام فلان وفلان وكانوا من أهلنا الميتين أو حلمت برجلي الشمال ترف من فوق ، كان في أغلب الأحيان حلمه يتحقق.

جدنا مكي ده كان عنده حمارة بيضاء طويلة عالية مشاية وما فيها أي كلام لكن زواغة تخاف من ضلها ، يكون ماشي مناسبة أو مشاور أو السوق تشوف السرج الأحمر و مخلاية الشعر السوداء ، والجلابية والعمة و الملفحة كان عليه هندام عجيب ، وبعد حاج مكي كبر كل يوم كانت الحمارة كل يوم رامياه في الأرض الموضوع متكرر طوالي ، إتذكر أنه كان يحب يتعالج بالكي بالنار فكان كل وقع من الحمارة كان يمشي لواحد من العرب يكويه في مكان الوقعة بالنار ، جماعتنا كلهم قالوا ليه يا اخي شوف وحده غيرها أعقل منها كان يصر على حمارته.

دي قصة تانية حصلت في بيت جدنا مكي كان عندهم كديس اسمه خضير نسبه للونه الأخضر ، المهم الكديس ده طول معاهم جدا ناس الحلة كلهم بعرفوه ، اهااا الكديس ده مات البيت كله دخل في حالة حزن شديد جدا حاج مكي وحاجة فرع الزين وحاجه ست البنات رحمهم الله و أكثر زول كان إتذكر ناديه أتذكر والحله كلها واستهم في الكديس ده.

زي أمنا زينه رحمها الله بقرتها ماتت هي تبكي والناس تبكي دي قصة إن شاء الله بتكلم فيها عن حاجة زينة وعمنا بكري و الدكتور عبد الحليم سعد كان بطل الفيلم أيام عمله في دنقلا ..

الناس ديل يحزنوا لفقد كل شي بتاعهم ربطتهم به علاقة إنسان ، حيوان او نبات، صور الكلام ده صورة بلاغية عجيبة الشاعر الحبيب في واحده من قصائده العابرات قال فيها:

يوم تقع يا عابره نخله ينقطع تو من صبرنا
يوم تقع يا عابره نخله بنحمل أحزان ما قدرنا
يوم تقع يا عابره نخله تملى حلق الزول مرارة

جدنا مكي طبعاً كان فنانه المفضل عوض عابدون ويقول له ( ود الجودلية ) ، وكان يطلبه طلب وأغلب جددونا ، واسحق ومحمد كرم الله ، طبعاً عوض عابدون من فونج أرقي وكان شاعر ومغني ومن أشعاره أغنية عطارد ( باخرة الركاب النيلية آنذاك) أذكر ليكم منها الابيات الآتية:-

يا عطارد شلتي لي زولي المسالم
يا حليلو الليلة يوم ودعني قايم
خليتني لي مين أنا ساكت جثة حايم
أنا بقيت مدثر الهم السمايم
أنا الحصلت عليَ أغرب نوادر
قلبي مع الطيور في جوله طاير
الزول الجميل يعجب سمارو
ما خلاص حطم لي عميري ضمن ودارو

اللهم ارحم جدنا مكي واسكنه فسيج جناتك.

اللهم ارحم آبائنا وأمهاتنا الذين ذكروا وأكرم نزلهم .

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *