اذكر منذ سنوات وكنت حينها لم أبلغ الحلم بعد تشاركت السفر مع مجموعة كبيرة من الاهل ، كنا على متن لورى عمنا محمد عبد المولى الذى ارتبط اسمه فى ذهنى حين ذلك بحكايات الرحالين والمغامرين الذين يجوبون الصحارى والاودية شرقا وغربا ، كنا على متن ذلك اللورى ومع ذلك الجمع الغفير من الاهل ، قادمين من كرمكول للخرطوم بعد أن قضينا ايام جميلة وباهية بمناسبة زواج الخال محمد سعد ، ولا زلت اتذكر تلك الفسحة التى يشرف عليها منزل جدنا ابنعوف وكيس حلاوة سعد الذى اخذناه من بيت المناسبة خلسة انا واسعد عبد الدائم والذى تعامل معى بمكر فى تلك الغنيمة الفارهة من الحلاوة والتى التهمناها بنهم ومتعة وحين اقبل الليل ونحن على متن ذلك اللورى الذى جمع على ظهره رهط عظيم من الاهل ، تذكرت حكايات اولاد البلد ، (سعيد وجمال وماهر مدنى وإبراهيم مكى ) تذكرت حكاياتهم المخيفة عن لصوص وادى الملح ، وحسب رواياتهم .. ان هولا اللصوص كان ياتون خلف اللورى فى الظلام الحالك ويقطعون بسيوفهم الحادة الحبال التى تربط البضائع والشحنات التى كنا نحن جلوسا عليها وبالرغم من خوفى الشديد ولكن شعرت بالاحباط والاسف ، ذلك لان الليل مضى ولم أرى لصا خلف اللورى ، كانت رحلة اللورى فى ذلك الوقت تستغرق يوم كامل وبضع يوم وطوال الطريق كان هناك رجل بين الحين والآخر يناولنى حفنة طحنية او كمشة من الفول المدمس وحين يتوقف اللورى فى المحطات لتناول الطعام كان ذلك الرجل يساعدني على النزول ويقودنى من يدى ويجلسنى على مائدة الطعام ويشرف على اكلى وحين اقبل الليل فتح حقيبته وأخرج بطانية وعطاني بها جيدا وبين الحين والآخر كان يسألني هل انت عطشان لاجلب لك بعض الماء؟ ثم لا يمضى وقتا فيسالنى هل انت جائع لاجلب لك بعض الطعام ، حقا كان فى غاية العطف واللطف.
حين وصولنا لامدرمان اندفعت نحو والدتى وسألتها
من هذا الرجل يا امى؟
فردت باستنكار.
سجم خشمى ما بتعرف ود خال ابوك؟
ده عبد القادر مكى
نم قرير العين يا خال ولك الرحمة والمغفرة.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *