وهيبة
شخصية عجيبة غجرية تاجرة متجولةفي البلد بقولوا عليهم الحلب وهم من القجر الرحل.يقال انهم من اهل حلب بسوريا، كانو يحطو رحالهم مكان جنينة عمي ابراهيم الله يرحمه في شارع العربات بين دكان عبد الرحيم وبيت ناس الطيب صالح.
يسافرو علي الحمير وحميرهم مميزة بالقوة والجمال اعتقد انها هجين بين البغل والحمار. لتتحمل السفر لمسافات بعيده، كانو مشهورين بصناعه الالمنيوم حلل صواني اباريق كوانين افران للعيش من الالمنيوم، بمجرد الوصول وحط الرحال يبدو في تثبيت الات الحداده في الارض، ومن ثم تسمع الضرب علي الحديد لتطويعه بالشاكوش والمرزبه حتي يصنعو كمية محترمة من الصواني والحلل و الاباريق ثم تقوم وهيبة بحمارها فارع القوام بالتسويق للبيوت الكبيرة وكانت الوالدة زبونة شبه ثابته عند وهيبه الحلبية هكذا كانو ا يسمونها وهي مراة فارعة القوام كحمارها حلوة اللسان ممشوقة القوام تبدا الكلام بالصلاة والسلام علي خير الانام صلي الله عليه وسلم.
تجيد التسويق لبضاعتها بالطف الكلام وعادة ماتقتنع امي بالشرا طبعا بعد شيء من المفاصلة ثم تسال عن الاواني القديمة من الالمنيوم فتعطيها امي بكل طيبة وعفوية ترجع وهيبة بعد جولة في القرية محملة ببعض المال وشي من الاواني القديمة التي يتم اعادة تصنيعها، الحلب قوم حرفين يجيدو عدة حرف علي سبيل المثال حلاقة الحمير وهذا فن قايم بذاته لايجاريهم فيه احد فياتي اليهم كبار المزارعين والتجار بحميرهم لكي (يجزوها) يعني يحصل الحمار علي احدث صيحات الموضة في الحلاقة يعني قبل ما تظهر موضة كارل لويس بطل العدو، فيخرج الحمار وهو في غاية الجمال يعدو بصاحبه الي سوق الدبة الاسبوعي وهو يتفاخر بين اقرانه مزهوا بحسن منظره .
كان لي دحش ( حمار صغير) يقلني للمدرسة الاولية بدبة الفقرا وسميت بذلك لكثرة ما بها من قباب الصالحين، والفقير هو الرجل الصالح
الفقير الي الله، احيانا كنت اجازف به لكي اذهب لسوق الدبة يوم الخميس وهي مسافة لاتقل عن 15 ميل من كرمكول قبلي وهي قريتنا فنمر اولا ببيت ود ابعصا وهوعلي اطراف القرية يقال انه من جزيرة ناوا من منطقة دنقلا ثم نمر علي جنينة عبد الرحيم الكرادي المفتوحة من غير ( سبيقة) اي سور دليل علي الامان والكرم.
كان الدحش يحس الخطي وهو في قمة السرور، يمني نفسه بي حبة دوم تجود به علينا النسيم بت حبوبة فاطمة التي تسكن في كرمكول بحري. وهي لاتبعد ثلاث اميال من كرمكول قبلي، كانت النسيم كاسمها تتدفق حنية ومحنة لم اجدها الا في حبوباتي دايما تقابلك بابتسامتها الواسعة وسع الرمال الممتدة ووجها الصبوح الذي اذا تاملته
لا يقل جمالا وغموضا عن الموناليزا ، كانت دايما تحملني بالدوم و(الجروم) وهو اصغر حجما من التسالي واكثر سمرة منه كأنه يعتز بسودانيته ، وحقيقة هو الذ طعما من التسالي احيانا تجد كم حبة محروقة في الحلق فاسرع بتفلها حتي لاتفسد علي طعم الجورم.
اما الدوم فكانت النسيم تتطوع برمي الدومة بالحجارة حتي تتكرم بسقوط بعض الدوم الطازة الذي يشبه التفاح حمرة ويفوقه حلاوة ، كانت النسيم لاتقل كرما عن الدومة ترمي بالحجارة فترد عليك باحلي ماعندها فان لم تجد حدفتك ببعض الدوم الناشف المهم انها لاتردك خايبا، اناس تصالحو مع الله فتصالحت معهم الطبيعة فاصبحو يشبهون اشجارهم واشجارهم تشبههم.
عند ما حازينا حي النسيم هنق الدحش كانه يعلمني بسلامة الوصول، فصححت له المعلومة بجر اللجام لكي يستعدل في مشيه فان اصر فالعصي لمن عصي نالت جنبته بعضا من البسطونه فيبدي بعض الغضب ببعض الفنجطة برفع مؤخرته وزنبه ليعلمك بعدم الموافقة، وانه لايابه ان سقطت من علي ظهره. ودايماً ينتهي الجدل بطريقة عسكرية من بيده اللجام هو الذي يحكم رأيه توجهنا في خط شبه مستقيم نسير علي درب اللواري في اتجاه سوق الدبه حتي اذا حازينا منطقة فشودة اصبحت الرمال غريقة كانها تستنجد بمن ينقزها من الوحل، الدحش كانه وجد فرصة في التباطو فاصبح يمشي الهوينا .ولسان حاله يقول نصل وقت مانصل… كان عجبك..؟
مر بجانبنا حمار مسرج اي عليه سرج لايقل عن سروج الحصيين انعم عليه صاحبه بحلاقة جميلة تظهر علي عنقه وخطوط علي جانبيه. اما الضنب فقمة الروعة وتحفة الفن الحلبي، مر ذلك الحمار البنز.. بجانبنا وهو يطوي الارض بحوافره كانه مركب مكنة 8 سلندر، دحشي كانه يقول حظك ياعم حالق جديد وسيدك مجيهك، ليك حق تسرع عشان تصل السوق وتتقدل وسط حميره. مين زيك نحن لينا الله وعيشة السوق،و صلنا السوق بشق الانفس وبي صراحة كنت انا تعبان اكتر من الحمار، ماعارف الكان راكب فوق ضهر التاني منو ربطت الدحش في طرف احد برندات السوق قد اكون تكرمت عليه بي حزمة قصب اوحبة برسيم ثم اتجهت الي المطعم الناصية لكي اطلب صحن فاصوليا ومعاه عيش بلدي ثم لابد من قزازة بيبسي اوبزيانوس واشرب لمن اكرع، ثم جولة لغاية طرف البحر تحت اشجار الجميز نتفرج علي الباخرة وهي تفرغ حمولتها من الركاب والبضائع، تأتي بالشتول وتغادر بالتمور كنا نستمتع بالفرجة علي الباخرة في حركة الشحن والتفريغ، وان لم يكن عندنا مسافر أتى عليها ولكنا دايما وبالذات شهر سبعة نتوقع اهلنا من بوسودان ياتو من الثغر الحبيب هرباً من الحر الذي يكون علي اشده، فيلوذوا بالشمالية التي تحتضنهم بموسم المنقة ومن ثم الي موسم (حش التمر) علي اعتاب اكتوبر وهو موسم جني النخيل توزع فيه التركة وهو الورثة من المحصول، ثم يرجع كل منهم محمل بالخيرات من ارض الشمال، تصفر الباخرة معلنة المغادرة في اتجاه مروي، فيجري البحارة في زيهم المميز باللون الابيض والبرنيطة المخططه بالازرق يتسابقو في فك الهلب من حول اشجار الجميز حتي يفكو قيد الباخرة، يتصاعد الدخان من مدخنة الباخرة كانها باشا ينفس في كدوسه تعلن عن انبساطها من البلد ثم تعقبها بصافرة الوداع ثم تسمع زمجرة الماكنات كانها انين وحشرجة ثم تدور الدفة فتخرج الامواج من الخلف في عنف ملحوظ مزمجرة تبلل الشاطي بدموعها لقد حان وقت الرحيل في امان الله .

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *